ليست هناك دولة بعد والفلسطينيون يتنازعون حول المناصب

'الفلسطينيون هم المسؤولون عن الاضرار التي لحقت بمشكلتهم. لم نر عبر التاريخ كله حركة تحرير من ثلاثة او اربعة جيوش وطريقاً سياسياً مختلفا بين تنظيم وآخر يقاتلون بعضهم بعضاً بينما يشن العدو حربه عليهم. على الدول العربية ان تقول ذلك بصراحة وكذلك الحال مع التنظيمات الفلسطينية'. هذه الكلمات الحانقة لم تصدر عن محلل عربي او باحث غربي وانما عن الوزير السعودي سعود الفيصل، بعد اجتماع وزراء الخارجية العرب في القاهرة في الاسبوع الماضي.
طاقم وزراء الخارجية العرب الذي يقوم عادة باعداد البيان الختامي لمؤتمرات القمة العربية يتصرف في السنوات الاخيرة ككابح أخير للهزات ويحاول التغطية على الانشقاقات. اعضاء هذا الطاقم يلتقون في الاوقات التي لا يتبادل فيها الزعماء العرب مثل ملك السعودية والرئيس السوري، فيما بينهم ويحاولون بين الحين والآخر اطلاق مبادرات الوساطة. هذا اطار اقل تربيعاً ورسمية من القمم العربية ذات التصريحات المدروسه والمحدده جداً ولذلك هو اكثر اهمية. من هذا المنتدى تخرج ايضا تصريحات اشد قسوة مثل تلك التي يقول بها الفيصل.
'الدول العربية لم تتقاعس في اداء دورها تجاه الفلسطينيين قال الفيصل مبرئا الدول العربية من المسؤولية التي يحاول المواطنون العرب الصاقها بالقيادة العربية. 'انظروا مصر مثلاً كم ضحت وكم بذلت من اجل الفلسطينيين. الدول العربية وقفت الى جانب الفلسطينيين الا انهم ولشدة الاسف يقاتلون بعضهم بعضا. لديهم مشكلة وعليهم ان يركزوا على مشكلتهم والمسألة ليست صراعاً حول الحكم'.
امين عام جامعة الدول العربية عمرو موسى الذي لا يوفر انتقاداته لاسرائيل عادة لم يضبط نفسه في هذه المرة: 'ليس هناك هداف في ملعب الفلسطينيين بسبب الصراعات الداخلية بين الاحزاب: انا غاضب جداً على التنظيمات الفلسطينية وليس على الشعب الفلسطيني المسكين لأن هذه التنظيمات مسؤولة عما يحدث. هم يدركون جيداً انه لا توجد بعد دولة للتنافس على مناصبها، عليهم ان يقيموا هذه الدولة ان يضمنوا حقها في البقاء ومن ثم يتنافسون على المناصب'.
ولكن وزراء الخارجية ايضا يدركون ضعفهم في الوصول للمصالحة. اشهر المداولات مع الفصائل الفلسطينية تمخضت عن التهدئة مع اسرائيل فقط ولم تؤد الى حوار بين حماس وفتح والآن اصبح الجهاد الاسلامي ضمن دائرة الصراع مع حماس. للوهلة الاولى نحن امام حالة غضب نابعة من مشاركة المعلمين المحسوبين على فتح في الاضراب ولكن الجدل كان قد بدأ قبل ذلك. في مقابلة اجريت مع قائد الجهاد الاسلامي رمضان عبدالله شلح مع صحيفة 'الحياة' في آخر آب (اغسطس)، دعا فتح وحماس للتنازل لبعضهما بعضاً. حماس غضبت: ما الذي جعل شلح يبدو في صورة الوسيط فجأة وهو ايضا يدعو الدول العربية ومصر خصوصاً لممارسة ضغوط متساوية على الجانبين.
حماس تخشى من ان يكون الموقف المصري ضد مصلحتها وان القاهرة تقوم بدق اسفين بينها وبين باقي الفصائل حتى تمارس الضغط عليها. مصر من ناحيتها تحاول دفع فكرة ارسال قوات عربية لغزة لاستبدال السيطرة العسكرية الحمساوية في غزة. بهذه الطريقة يمكن حسب اعتقاد القاهرة اعادة الوضع الى ما كان عليه مثل سيطرة حماس على القطاع. حماس تعارض الفكرة وتهدد بعدم السماح لأية قوة اجنبية بالدخول الى القطاع. هم يرون في هذه الفكرة محاولة عربية لابعاد حماس عن مواقع القوة التي حققتها. بديلهم للقوة العربية هو سعي الدول العربية لازالة الحصار المفروض على غزة والحرص على فتح معبر رفح. محمود عباس من ناحيته يتبنى الفكرة المصرية الا انها بلا معنى طالما لم تقبلها حماس. مصر ايضا تعرف ذلك. احمد ابو الغيط وزير الخارجية المصري اوضح ان ارسال القوة العربية للقطاع يمكن ان يتم باتفاق الجانبين. مصر في هذه الاثناء تواصل خوض حوار مع عباس ومع الفصائل الفلسطينية حول المصالحة ولكن ليس مع حماس.
في هذه الايام يتبلور اقتراح مصري جديد. وفقا لصحيفة 'الحياة' هذا الاقتراح يتضمن اقامة حكومة انتقالية، حكومة التكنوقراط غير المنتمين تنظيمياً من اجل الاعداد للانتخابات البرلمانية والرئاسية. كما ستتم صياغة ميثاق وطني غايته اجلاء اسرائيل عن المناطق التي احتلتها في 1967 وحل مشكلة اللاجئين. مصر تأمل أن يتم الحصول على موافقة حماس التي ستضطر للاكتفاء بحدود 1967. قيادة حماس لم تستلم المبادرة بصورة رسمية بعد ومن المتوقع ان تدعى للقاهرة بعد شهر رمضان. وحتى ذلك الحين قد يظهر رئيس وزراء جديد في اسرائيل ومحمود عباس سيعود من واشنطن وسورية قد توافق على ممارسة تأثيرها على حماس حتى توافق على المصالحة.

علشان كدا متوقع وجود حرب اهلية بعد حدوث الاستقلال

شكرا على الموضوع