السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
بدأ البحث الآثاري المنظم فى النوبة فقط فى سنة 1906. كلف مدير مصلحة الآثار المصرية حينها، الفرنسي الإيطالي ماسبيرو، فايجل باجراء استكشاف للآثار المصرية فى المنطقة التى أصبحت مهددة بالغرق بفعل تشييد خزان أسوان. كان فايجل هو الأول الذى أشار الى وجود ثقافة أصيلة تختلف عن الثقافات المصرية.
كان ريزنر الباحث الأول الذى قام بتصنيف تواتر كرونولوجي Reisner,1910. طور هام من هذا التواتر تمثله ثقافة "المجموعة الثالثة"، المسماة أيضاً بالنوبية الوسطى. تمثل المجموعة الثالثة أو النوبية الوسطى تقليداً غير منقطع فى التاريخ الثقافي للنوبة السفلى، والتى، طبقاً للنصوص المصرية، مرت بفترة رخية شهدت مستويات سكانية عالية.
ليس سهلاً تفسير أصل ثقافة "المجموعة الثالثة"، فقد طرح الباحثون العديد من النظريات، بما فى ذلك نظرية الهجرة والنظرية التطورية.
النظرية التطورية
تقول النظرية التطورية بأن ثقافة "المجموعة الثالثة" تشتق جذورها من الثقافة الأقدم "المجموعة الأولى". ألفت هذه الأخيرة جماعات صغيرة منظمة فى اقامات زراعية/ زراعية-رعوية متواضعة. مع تقادم الزمن زاد زعماء الجماعات من سلطاتهم. كم كبير من المواد التى تم جمعها من مواقع فى المنطقة المصرية، وهو ما يشير احتمالاً الى وجود علاقات وثيقة بين القطرين Nordstrom,1972.
فيما بعد أصبحت السلطة فى مصر مركزية، وأصبحت مصر تمارس تأثيراً سيادياً على جيرانها، بهدف الحصول على منتجات جبال البحر الأحمر والسودان الأوسط. فى الوقت الذى كانت الأسر الأولى آخذة فى التشكل فى مصر، فإنه يبدو أن ثقافة المجموعة الأولى فى النوبة كانت تعاني من الانهيار. ويبدو أن البينة الآثارية تدعم فكرة أن الطور النوبي الأوسط كان فى الأساس استمراراً وتطوراً للطور الأخير لثقافة المجموعة الأولى، المسماة أيضاً بالنوبية المبكرة. وجدت مواقع كانت مأهولة خلال الفترتين واستمرت باقية الجرار ذات العنق الأسود، مثلها مثل الممارسات الجنائزية، من الطور النوبي المبكر.
فى الطور النوبي الأوسط الأول يبدو أن عناصر جديدة أخذت فى الظهور: لكنها لا تستبعد، فى رأي، إمكانية الاستمرارية. على سبيل المثال، وجدت العديد من الهياكل التى تحمل سمات زنجية فى مدافن المجموعة الثالثة، فى حين كانت هياكل الفترة السابقة تحمل سمات أشبه بسمات المصريين.
الاجابة على تلك الأسئلة يمكن ان يوفرها البحث الجاري مؤخراً فى كرمة Aa.Vv.1990. تشير الاكتشافات الجديدة الى وجود، منذ أزمان العصر الحجري الحديث، مجتمع مستقر يحكمه زعماء محليون يمتلكون قدراً معلوماً من السلطة. ويشير اكتشاف موقع اقامة سابق لعصر كرمة يحتوي على فخار معاصر فى منطقة الشلال الثالث الى مناخ اجتماعي سياسي فى النوبة الوسطى مختلف عن ذلك الموجود فى النوبة السفلى. فى حوالي 3000 ق.م. تم تدعيم النمو السكاني الذى كان قد بدأ فى العصر الحجري الحديث المتأخر. لم يتم العثور على مواد مصرية مستوردة، ويبدو أن هذا المجتمع قد اتبع تنظيماً مستقلاً.